jeudi 17 janvier 2013


تعميم اللغة الامازيغية : بين مقاربة الأرقام و مقاربة الجودة   


قد تختلف وجهات نظر المتتبعين و المهتمين بالشأن الأمازيغي و قد تتعدد الاراء و المواقف حول تقييم ورش إدماج اللغة الأمازيغية داخل المنظومة التربوية و ما رافق هذه العملية من تحديات و إكراهات على المستوى التخطيط و الممارسة إلا أن هذا التباين يوازيه مبدئيا تقاطع الآراء في كون وزارة التربية الوطنية قد قطعت شوطا مهما في تدبير هذا الملف و اتخذت قرارات فعالة  تروم من خلالها تسريع وثيرة تعميم اللغة الامازيغية افقيا و عموديا قصد توسيع قاعدة المتعلمين المستفيدين منها ،و  يمكن إجمالا تلخيص مجالات تدخل الوزارة في ثلاث محاور،الاول يتعلق بما هو بيداغوجي و ديداكتيكي و تكويني بالتعاون مع المعهد المكي للثقافة الأمازيغية و الشق الثاني يتمحور حول الجانب المادي و التنظيمي دون أن نغفل الجانب التواصلي الذي تسعى من خلاله الوزارة كشف عن قراراتها و توجهاتها في هذا الصدد ،تلكم إذن مقومات مقاربة الوزارة للسياسة اللغوية للأمازيغية داخل المدرسة الوطنية و إن كنا نثمنها فإن الحاجة إلى المضي باللغة قدما تقتضي قراءة بعين نقد بناء لاسيما و أن حجم الآمال المعلقة على الوزارة في هذا الصدد لم توازيها الإجراءات على أرض الواقع خاصة بعد مرور أكثر من سنة على ترسيم اللغة الامازيغية في الدستور.
فرغم ضخامة هذا الورش الوطني و ما يستتبعه من قرارات جريئة و مصيرية فإننا أحيانا لا نلامس  أثر ذلك  في السياسة اللغوية المرتبطة بالأمازيغية هذا إن وفقنا تسميتها بالسياسة اللغوية لما تتطلبها هذه التسمية من تخطيط استراتيجي بعيد و قريب الأمد تعكسها أهداف ملموسة و واضحة و ميزانيات كافية و قرارات فعالة ،مما يثير تساؤلات مشروعة عن مكانة اللغة الامازيغية داخل اولويات الوزارة و مدى جديتها في التعامل مع هذا الملف دون أن يثنينا ذلك عن ربط هذه السياسة بغياب وعاء قانوني تنظيمي إلزامي تتحمل الحكومة مسؤولية تأخر إخراجه إلى الوجود ،و تبقى المسؤولية الملقاة على عاتقنا كمهتمين بالشأن الأمازيغي تقديم وجهات نظر وملاحظات و تقييم لواقع اللغة الامازيغية داخل المنظومة التربوية  انطلاق من قناعة  راسخة بأن أي تشخيص موضوعي يجب أن يأخذ في الحسبان أن :
_ بعض الدراسات( المتعلقة باللغة الأمازيغية) يعاب عليها تغليبها للمقاربة العددية و الكمية في تقييمها للمشاريع و الخطط المسطرة حيث يطغى المنطق الشكلي في تعبئة الاستمارات و التركيز على الإحصائيات الرقمية مقابل إهمال لأهمية النجاعة و الفعالية و التحقق الفعلي لهذه المعطيات ،و لا ننكر دور الارقام في  إضفاء الموضوعية على الدراسات و بالتالي تحديد الحاجيات بشكل دقيق غير أن هذا الإجراء لا يجب ان يتم على حساب معايير الجودة.
_ الاراء و الاحكام ذات البعد الإيديولوجي لا يمكن لها أن تعكس الصورة الحقيقية للغة الامازيغية داخل المدرسة المغربية باعتبارها تحاول بتعسف كبير وعن طريق قراءات مضللة للمعطيات تعزيز مواقفها السلبية و ادعاءاتها تجاه الامازيغية دون أن تستوعب ذلك التحول الجذري للنقاش العمومي من شرعية و إمكانية إنجاح مشروع تدريس اللغة الأمازيغية إلى التفكير في أساليب تطوير و تجويد الورش بعد أن أثبت بواكير التجربة (2003) عن نتائج مشجعة.
هي إذن مبادئ تجنبنا التيه وسط تلابيب المغالطات و الجدال العقيم و نحن نبحث عن تشخيص واقعي و موضوعي في أفق تحديد الأولويات و تقديم ملاحظات  نابعة من صميم التجربة.
أولها ،و رغم المستجدات لا زال الطابع الإستئناسي للغة الأمازيغية في الميثاق الوطني للتربية و التكوين  يخيم بظله على معظم المخططات التربوية الاقليمية و كذلك على صعيد المدارس ،حيث يقتصر أحيانا على حث الاساتذة بإدراجها داخل استعمالات الزمن مما يكرس إجراءات شكلية تذر الرماد على العيون و تثير تساؤلات حول مغزى حث بعض الأساتذة على الإقدام على هكذا الأجراء رغم معرفتنا المسبقة بكون الأستاذ لن يدرسها ،مما يعزز ما أثرته في البداية  من عدم توفر الوزارة على استراتيجية واضحة المعالم لاسيما أن منطق الترقيع بما هو متوفر لن يحقق النتائج المنشودة .
ثانيها،أن اللغة الأمازيغية لا زالت في السياسة التربوية الإقليمية و على صعيد المدارس  تعامل على أنها ضيف جديد ليسوا مستعجلين في حسن ضيافته و يعكس هذه الفرضية عدم وجود اهتمام باللغة الامازيغية ضمن أولوياتها ، و قد يقتصر الأمر أحيانا على اجتماعات في بداية السنة الدراسية لتذكير بضرورة تدريس اللغة الامازيغية و تخصيص لها حيز زمن معين ووووو,,,,دونما إجراءات صارمة و ملزمة و ملموسة ،و لسنا هنا بصدد التعميم ،حيث يسجل بارتياح كبير الأشواط التي قطعتها بعض النيابات و اخرها التعميم الكلي لتدريس اللغة الأمازيغية على صعيد نيابة ميدلت و المبادرة المهمة لنيابة اقليم خنيفرة في إصدارها لمذكرة محلية لاختيار و انتقاء أساتذة مؤهلين و قادرين على تدريسها كما ينبغي.
ثالثها ،جعل اللغة الأمازيغية ضحية مشاكل متراكمة على صعيد النيابات الإقليمية ،سوء توزيع للأطر التربوية ،اكتظاظ في المناطق الحضرية و النقص المسجل في العالم القروي ،نهج سياسة الهدنة عند كل بداية لموسم دراسي جديد بين النيابة و النقابات التعليمية ،كلها إذن عراقيل معقدة و صعبة يجب الاعتراف بها و لكن لا يستساغ للنيابات التعليمية في أي ظرف كان و لا يجوز لها  الاحتجاج بهذه الإشكالات لتأخير التفكير الجدي حول تعميم اللغة الامازيغية إقليميا  و اختيار الأطر المؤهلة لتدريسها و تجنب الحلول الترقعية من قبيل تكوينات قصيرة المدة دون متابعة مستمرة أو إسناد الامازيغية لأساتذة لحل إشكالية الفائض.
و لهذا ،فإذا كان رهان توسيع قاعدة التلاميذ المستفيدين من تدريس اللغة الأمازيغية رهان مستعجل و ملح فإن الجودة كذلك مطلب ضروري بل وإجباري ،إذا علمنا أن طبيعة مرحلة تقعيد و تأهيل اللغة المدرسية المعيارية تتطلب مقاربة بنائية و تراكمية تتأسس على قواعد صحيحة  ،فالمدرسة ليست منغلقة على ذاتها لغويا بل هي قاطرة لتداول اللغة الأمازيغية المعيارية على نطاق واسع في باقي مناحي الحياة العامة (الإدارات،الإعلام.... )،من هنا تبرز بإلحاح ضرورة إعطاء أهمية قصوى للغة الأمازيغية داخل أجندة السياسية التربوية للوزارة الوصية وجعلها من أولوياتها.  

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire