lundi 24 décembre 2012






المثقفون الجدد



حين تتصفح و تتطلع على القيمة العلمية لما يكتب في المواقع الإلكترونية فإنك لا تحتاج إلى كثير من الفطنة و
 الفهم و النزق لتستشف أن واقع الحال يدل على تردي الاوضاع الثقافية والفكرية لبعض الكتابات ،فقد غابت الرزانة العلمية في الكتابة و الرواية ،و رحلت بعيدا الكلمة الهادفة و رحل معها الصدق في الكلام و التحليل و الإخلاص في الاخبار و ايصال المعلومة ،ففتحت الأبواب لكل من هب و دب ليقول ها أنا ذا موجود ،فقد غيب صوت ذلك المثقف الرصين و المبدع الأمين و الحريص على الحق و المفكر الهادئ و الهادف في تفكيره ،فبرز إلى السطح مثقفين على حين غرة من أهل الثقافة و الفكر فحجبوا الصورة عن اهل العلم و التخصص و تصدوا للتفلسف و الإفتاء في كل شيء إلا أن يفتوا في حالهم ،إنه حال المتثاقفين الجدد على وزن المتعالمين و المتطفلين و قد نسميهم مثقفي الاثارة و يجوز كذلك تسميتهم مثقفون على مقاس أو مثقفون بدون حقيبة على غرار بعض وزرائنا الأعزاء.
المثقفون الجدد يسهل التعرف عليهم فسماهم في كتاباتهم ،إنهم يحاولون أن يغوص في مواضع تدغدغ مشاعر الكثير من القراء ،يمارسون الماركوتينك لاستقطاب إعجاب الاخرين من خلال اختيار عناوين مثيرة و مغرية توحي للقارئ بأن الاتي في النص سيغني عن قراءة مئات الكتب و المجلات ،يدعون أنهم الملجأ الوحيد للمعرفة المطلقة وغيرهم ضال و جاهل.
و لكي أبلغ المراد و أوضح المبتغى و المنشود من رسالتي فإنني مضطر للاستشهاد بمثال حي و ملموس حتى تنكشف لنا الرؤية  و سيسعفنا في ذلك مثال ينبش فيه كل آت من فج عميق باحثا عن شهرة سريعة و إثارة مجانية و رخيصة تعفيه عن سهر الليال من أجل العلم و التعلم و لو كلفه ذلك عدم احترام اختيارات الاخرين و ثقافتهم و هويتهم و لغتهم دونما اعتبار للملة و الدين ،لقد أخرجت   القضية الامازيغية من جب عميق أناس غابرين كانوا إلى وقت قريب نكرة ،أخرجتهم إلى الوجود على الساحة الثقافية (على مقاس)و عوض رد جميلها بدؤوا بجلدها ،لقد أكستهم و لنقل اكتسوا  منها حلة المثقف الفلاني و المفكر الفلاني و الباحث الفلاني و المهتم الفلاني.....و المتطفل الفلاني....لقد أصبحت شغل من لا شغل له و مأوى أمن لكل يتيم من أب فكري و أم ثقافية و عابر سبيل أخطأ طريق العلم الموضوعي والبحث العلمي الحقيقي ،إنها باتت مادة دسمة يدهن بها المثقفون الجدد أيديهم و ريشتهم لتسهل عليهم عجن سمموهم و تقديمها إلى القراء في صورة أفكار غيورة على الوطن (ما أغيرهم )و أفكار علمية صادقة و أراء نقد بناء ،إنهم أناس تملكهم حب الظهور فأعماهم بصيرتهم فأثروا التضليل و الإثارة على البحث العلمي الدقيق و احترام المنهجية الصحيحة و مقارعة الدليل بالدليل و الحجة بالحجة.
فما معنى أن يتقدم مثقف جديد فيتصدر لإفتاء في واقع الامازيغية فيخون المعهد الملكي للثقافة الامازيغية بترسانته العلمية و الباحثين المتخصصين في كل المجالات و يتهمه بالتقصير و التسرع و التعصب وووووو...........و يجلد اللغة الامازيغية المعيارية دون أن يفهم معناها (المعيرة المتعددة : إدماج الخصوصيات الفرعية داخل نموذج أو معيار يشكل مرجعا للكل في التواصل الكتابي و الشفوي ) و يتطاول على الحرف الأمازيغي تيفيناغ دون معرفة تاريخه(و هنا أفتح القوس لأشير لأغرب ما قرأت حيث كتب أحدهم نصا و عنونه بسؤال :هل تيفيناغ حرف مغربي ؟و على هذا المنطق ستتخلى جميع الدول عن الحرف اللاتيني لصالح فرنسا....و هل للحرف موطن رسمي أصلا ) و نتائج علم الآثار الذي لا تحكمه  الأهواء الشخصية و لا أملاءات الاديولوجية المقيتة ،و ينكر على المطالبين بتدريسها و يدعوهم بالمتعصبين و أصحاب المصالح الشخصية و العملاء للصهاينة و.....و.....إنه يتوفر على من تيكيتات من كل الأصناف و المقاسات من الاتهامات و الاحكام يوزعها لمن يشاء وقت ما شاء ،فلله في خلقه شؤون.
فهل إجادة استعمال اللغة و محاسن الكلام و بدائعه يمنح الأهلية لكل مثقف جديد ليكون ملما  بخبايا كل شيء فينكر و يخون و يصوب و يفتي.....و كأن العالم كله جاهل في حاجة إلى علمه ،أليس هذا من صميم الجهل ذاته ( أخطر الجهل جهل النفس و حقيقتها و مقامها العلمي أكبر الجهل جهلكأكبر افيث كتب أحدهم نصا و عنونه بسؤال ...و يجلد اللغة الامازيغية المعيارية دون أن يفهم معناها (ت)،ألم تحسم المسألة الأمازيغية و كل ما يتعلق بها و قال المختصين و أهلها كلمتهم ،فلماذا يحاول المتثاقفون الجدد اجترار الماضي ،و يحاولون إثارة بعض الامور التافهة كقولهم عن غلبة السوسية على اللهجات الأخرى و هذا ادعاء باطل (أنا امازيغي الاطلس و اجد أن لهجتي لا تختلف عن اللغة المعيارية و لا وجود لطغيان لهجة على الاخرين إلا في تفكير بعض المثقفين الجدد).
إن اللغة الأمازيغية قد أخذت طريقها الصحيح نحو المستقبل ،لقد بدأ التدريس بحرف تيفيناغ منذ سنوات و كتبت المؤلفات بالإمازيغية ،و أعدت الميكروسوفت الويندوز بالإمازيغية وووو....بكل بساطة لقد أصبحت اللغة الامازيغية لغة قائمة بذاتها تساير العصر بخطى ثابتة ما دام هناك أوفياء يحبونها و يعملون ليلا و نهارا على تطويرها دون انتظار مقابل سوى أنهم يؤمنون بأن الوعي بالهوية و الذات الحضارية يعتبر حياة لإنسان و للأمة و أن اختلاف الألسن من آيات الله عز و جل في خلقه.
إن اللغة الأمازيغية العريقة بثقافتها و حضارتها و حرفها تيفيناغ لا تحتاج إلى نصائح مسمومة مبنية على أحكام مسبقة.


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire